بقلم مكى احمد..
حالة مدهشة
وإستثنائية في شعرنا السوداني المعاصر ، من أي دغل خرج وأية ساحرة أنجبته؟ تجربتة
الحياتية هي حالة شعرية معاشة،دفقه الشعري نضج باكراً بقفزة هائلة من طفل إلي
شاعر. الشعرية الحقة الخالية من أي غموض غير غموضها الشفا ف.
نصوص مفتوحة علي جمال العالم واَلام الإنسان، وكلما هرب
صاحبها في شبوحاته العظيمة إلتحم بالناس والحياة اكثر.
اعرف أصدقاء كثيرين خصومتهم مع الشعر فاجرة ولكن عثمان
يستطيع ان يفزعهم بشعره، وأن يهدهدهم به حتي ينامو. العمر عند عثمان منذور للشعر
فقط ،وهو الذي يقول:( علي الشاعر أن يكون عاطلاً عن كل شيء سوى الجما ل).لم يسمح
لأي مؤسسة ولا حتي مؤسسة البيت أن تمنعه من التحليق. دفع عثمان ضريبة تمرده الماً
عظيماً، وصعوبات جمة، تيمُّناً بمعلمه الشاعر الفرنسي ارثر رامبو إستشرف عثمان
الهاوية ولكنه نجى.
حين كانت سيادة وريادة العامية مابين محجوب شريف وعمر
الدوش، جاء عثمان وهو طالب ثانوي وقتها بشعر قلب الطاولة علي الجميع، ليدركوا
وقتها أن الشعر يأتي من مكان مجهول، من موهبة تجاوزت زمانها. نصوص بالغة العفوية
والعذوبة والصفاء، حيث يملأ الشاعر قلبه بالحياة.
تمثل
تجربة عثمان مثالاً حياً للوضعية القلقه لذا يصعب لدى الكثيرين تجسير الهوة مابين
عثمان الشاعر وعثمان الإنسان، الروح الطليقة التي لا يسيجها سوي حنينها إلي
المطلق. تأرجحت روحه بين العبثية والإطمئنان، تجده أقرب ألي صوميل بيكيت أحياناً
وفي أخرى أقرب ما يكون إلى محمود درويش.
عند عثمان
الشعر فخ لمراوغة القدر ،لمزاولة اللعب ، مشاكسة الغيب. وهو داخل هذا الشعر محمياً
ولا نخف عليه. في الشتاءات القاسية نغلق المصاريع، نقرأه فيدفؤنا، فننام علي
دموعنا و نحن سعداء. نعم إنه هو أضحك وأبكى، وسمح لنا بان نقيم قي لحظة الشعر إلى
الأبد، وسمح لنا برؤية المألوف كما أننا نراه لأول مرة كما يقول كازنتزاكيس.
يمتازعثمان ايضاً بنثر بديع وصافي، وله تجربة
في كتابة الرواية. كان كثيرأ ما يقول أنا روائي، ربما كان ذلك مايدفعه إلى كتابة
نصوص طويلة النَفَس، أو (شابحة) كما يقول. وهو بارع في الحكي وفائق الإمتاع
والمؤانسة، كلما أسهب يأتي حديثه محكماً وبلا زوائد، يمارس سلطته عليك دون قهر.
عثمان الهائل، العابر بنعال من ريح، ليس هنالك
ما أقوله سوي كلمات هارولد بنتر عن صديقه صوميل بيكيت: (لا أريد منه الفلسفات و المنشورات
والدوغماء والعقائد والحقائق والمخارج والإجابات....يكفيني أنه الكاتب الأكثر
شجاعة، وكلما سحق أنفي في البراز أكثر، إزداد إمتناني له أكثر فأكثر)!.
![]() |
| الشاعر عثمان بشرى |

تبا لك سائر هذا القرن يا مكي !
ردحذفهل تعرف ماذا فعلت للتو ؟ لقد حجبت بعرضك عثمان بشرى بهذه الصورة الأقرب لإله يضحك و يبكي ، حجبته عني و للأبد ، هل سيكون بوسعي أن أقرأ له بعد اليوم ، و أنا الذي قرأت له من قبل دون أن أراه بهذه الصورة المتعالية ، لا لن أقرأ له ، لعنة تطويبك له ستلاحق حكمي عليه عندما أحكم عليه لن أكون أنا من يحكم بل أنت ، لا استطيع مخالفة حكمك و لا أقبل - لدواعي نرجسية - تبنيه !
لهذا وداعاً عثمان مكي ! ابتعد عني بنعالك التي من الريح !
هل من الضرورة أن يولد الشاعر الجيد من ساحرة ؟ و من أي شاعر ترى ولدت الساحرة نفسها ؟ هل هو شاعر جيد ؟ لا ليس جيد من نفقد إزاءه قدرتنا المنفصلة على اصدار الحكم ، و لذا فقط تباً لمكي أمس و اليوم و إلى الأبد .
شكراًاحمد: ليس في الأمرتعالي ولا تأليه، عثمان شاعر عالي عالي الجمال هكذاأراه.
ردحذف